الكاتب /محمد احمد بالفخر
(يمنٌ بلا قات) شعارٌ جميلٌ وحلمٌ أجمل لو تحقق على أرض الواقع في يمن الايمان والحكمة حيث فُقِدَ الايمان وقت ارتهان مجاميع من النخب السياسية لأجندات خارجية عبثت باليمن ومقدراته وتاريخه، وضاعت الحكمة بعدما سلّمت الغالبية العظمى زمام أمرها لهواها وأصبحت تنفق ما لا يقل عن نصف إيراداتها لتعاطي وريقاتٍ مدمرةٍ للإنسانِ والحياة،
بلدٌ يقدر عدد سكانه بخمسة وثلاثون مليون نسمة تصل فيه نسبة الفقراء حدود 80% ونسبة البطالة 40% ونسبة الأمية وصلت الى حدود 50% ونزاعات مسلحة طاحنة أكلت الأخضر واليابس اقتربت من اكتمال عامها العاشر،
كل ذلك له أسبابٌ متعددة ابتداءً من الجهل الى ضعف التعليم ووراء كل ذلك تلك الشجرة الخبيثة التي أُبتلي بها ما لا يقل عن 90% من الذكور و70% من الاناث حسب دراسة أجرتها منظمة الصحة العالمية،
ويتعرض أكثرهم لأمراض بدنية ونفسية متعددة تتفكك من خلالها الاسرة والمجتمع وتنتشر الجريمة والعنف إضافة الى انهيار الاقتصاد وضياع الأجيال القادمة ناهيك عن استنزاف المخزون المائي من جوف الأرض.
قرونٌ مضت وهذه الشجرة الخبيثة التي استوردت من خارج اليمن كما تقول الروايات تفعل فعلها ولكن في نطاق ضيق ومحدود في ذلك الوقت حتى أطلّ القرن العشرين والذي اتّسع فيه انتشارها وخاصة بعد أن تقاطعت أهداف النظم السياسية الحاكمة وتجار القات فكان انتشارها كانتشار النار في الهشيم فلم يسلم منها أحد، صغيراً كان أو كبيراً طفلاً أو امرأةً عالماً او عاملاً إلاّ من رحم ربي.
لن أتطرق الى أقوال علماء الأمة المعتبرين في القات نظراً لضيق المساحة لكن يكفيني هنا بعض ما قاله الامام العلامة محمد بن سالم البيحاني رحمه الله في قصيدة جميلة عن القات
إن رُمتَ تعرف آفةَ الآفات
فانظر إلى إدمان مضغ القاتِ
القاتُ قتلٌ للمواهبِ والقوى
ومولّدٌ للهمّ والحسراتِ
ما القاتُ إلاّ فكرةٌ مسمومةٌ
ترمي النفوسَ بأبشعِ النكباتِ
(يمنٌ بلا قات) إن أصبح هذا الشعار واقعاً وقابلاً للتطبيق فأبشروا بيمن ينطلق نحو المستقبل بكل تفاصيله الحسية والمعنوية ويقضي على كل أسباب التخلف والنزاعات بكل اشكالها ويقطع الطريق على كل الطامعين بأرضه وثرواته،
ولهذا أنشئت مؤسسة (يمن بلا قات) من أجل يمن مزدهر بلا قات، ولتساهم بفعالية في تغيير واقع المجتمع اليمني نحو الأفضل بالقضاء على زراعة القات من خلال التوعية بأضرار تعاطيه المختلفة وتوفير البدائل المناسبة، ولها وسائلها لتحقيق الهدف العام وهو التخلص من شجرة القات وعادة استهلاكه بما يكفل إدارة وقت افراد المجتمع نحو توظيف واستغلال طاقتهم في الإنتاج والابداع والرخاء.
الطموحات والأحلام والأهداف الواضحة مهما كانت صعبة أو بعيدة إلاّ أنها قابلة للتحقيق وقابلة للوصول اليها وكما قال أبو الطيب المتنبي الكِندِي:
عَلى قَدرِ أَهلِ العَزمِ تَأتي العَزائِمُ
وَتَأتي عَلى قَدرِ الكِرامِ المَكارِمُ
وَتَعظُمُ في عَينِ الصَغيرِ صِغارُها
وَتَصغُرُ في عَينِ العَظيمِ العَظائِمُ
ولهذا لمجرد اطلاعي على أهداف المؤسسة واعلانها عن (مؤتمر التمكين الاقتصادي وبدائل القات) الذي حمل رسالة الأمل والتغيير في المجتمع نحو الأفضل وبنظرة سريعة عندما ترى أن من يرأس المؤسسة رجل الأعمال الشهير الحاج عبدالواسع هائل سعيد صاحب البصمات الخيرية في عموم اليمن ومن أهمها المؤسسة الوطنية لمكافحة السرطان،
ومعه الأمين العام للمؤسسة الدكتور حميد حسين زياد الذي عرفته منذ أكثر من 30 عاماً لا يكِلُّ ولا يمِلُّ يقضي معظم وقته في خدمة المجتمع بكافة الوسائل من تأسيسه لأول جمعية خيرية رائدة صنعت الكثير والكثير لعدد كبير من المحتاجين في اليمن الى تأسيس مؤسسة اليتيم التي غيّرت مفهوم كفالة اليتيم من مجرد يتيم يتلقى مساعدة مالية او غذائية شهرية او فصلية الى يتيم فاعلٌ في المجتمع يشق طريقه من خلال دراسته النظامية المميزة إضافة الى تعليمه حرفة مميزة ينطلق بها من خلال مشروع خاص إلى إعانة نفسه واسرته وتقديم العون لمحتاجٍ أخر، وإلى غير ذلك من المؤسسات والأنشطة التي ساهم في انشائها،
ولهذا فأنا على يقين أن تأسيسهما لهذه المؤسسة ومعهما ثُلةٌ من شخصيات اجتماعية واكاديمية وثقافية وسياسية وبتبني الدولة لهذه الرؤية سيسهل الوصول للهدف المنشود بإذن الله.
ولنحلم جميعاً بيمنٍ خالٍ من القات والنزاعات.